وكان ذكياً سريع البديهة، قوي الحجة فقد سمع يهودياً يقول: ما أحمق المسلمين، يزعمون أن أهل الجنة يزعمون أن أهل الجنة يأكلون ولا يحدثون فقال له إياس: أفكل ما تأكله تحدثه؟ قال: لا. لأن الله تعالى يجعله غذاء، قال إياس فلمَ تذكر أن الله يجعل كل ما يأكله أهل الجنة؟ وغذاء أهل الجنة يذهب جشاء كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان يستعجل ذكاءه في الأحكام الشرعية، التي تمر عليه في القضاء وله في السياسة الشرعية والفراسة وقائع عجيبة، قال ابن خلكان: قال حبيب: سمعت إياساً يقول: ما كلمت أحداً من أصحاب الأهواء، بعقلي كله، إلا القدرية فإني قلت لهم: ما الظلم بينكم؟ قالوا أن يأخذ الإنسان ما ليس له، فقلت لهم: فإن الله عز وجل له كل شيء. إقدام عمرٍو في سماحةِ حاتمٍ... الكلاسيكو بالأربعة - YouTube. واستودع رجل رجلاً، من أمناء إياس مالاً، وخرج المستودع إلى مكة فلما رجع طلبه فجحده، وأتى أياساً فأخبره، فقال له إياس: أعَلمَ بك أحد أنك أتيتني؟ قال لا قال: فنازعته عند أحد،؟ قال لا لم يعلم بهذا أحد، قال: فانصرف واكتم أمرك، ثم عد إلى بعد يومين، فمضى الرجل فدعا إياس أمينه ذلك، وقال: لقد اجتمع عندنا مال كثير أريد أن أسلمه إليك أتحصين منزلك؟ قال: نعم. قال فأعدّ موضعاً للمال وقوماً يحملونه، فعاد الرجل إلى إياس، فقال له انطلق إلى الرجل فاطلب مالك، فإن أعطاك فذاك، وإن جحد فقل إنني أرفع الأمر إلى القاضي إياس، وشكوت له حالي، وأخبرته بأمري، فدفع إليه ماله، فرجع الرجل إلى إياس، فقال: قد أعطاني مالي، وجاء الأمين إلى إياس لوعده، فزبره وانتهره، وقال: لا تقربني يا خائن.
والتشبيه كما نلاحظ ضمني، ودفاع أبي تمام كأنه يقول: لا تثريب علي في ذلك ما دام القرآن قد ضرب التشبيه الأقل لنوره... استطاع الشاعر في رده الحصيف أن يحوزعلى ثقة الخليفة، ويقال إنه أصبح واليًا على المَوصِل جزاءً على سرعة بديهته. قيل: أخذ الكندي الرقعة التي كان قد دوّن فيها القصيدة، فلم يجد فيها هذا الرد المفحم فقال متفرسًا: "إن هذا الرجل لن يعيش طويلاً، لأنه ينحِت من قلبه". (انظر: ابن رشيق- العمدة، ج1، ص 167- باب البديهة والارتجال. )
ثم إن الشك في صحة القصة لا ينفي جمالها، ولا يقلل من أهمية البديهة والارتجال، والبيتان بليغان حقًا في وجه التخلص، وفي هذا التشبيه الضمني الرائع.