2022-02-10, 01:58 PM #1 على قدر النوايا تكون العطايا النوايا الطيبةُ مفتاح الخير في هذه الحياة، وبوابةُ التوفيق والرزق، وهي من العبادات الخفية، فكلما كان داخل الإنسان نقيا ابتسمت له الدروب، ولانت له الخطوب، ومالت إليه القلوب. ابدأ يومك دائما بمفتاحين: الأول النية الطيبة؛ فهي مفتاح الرزق، والثاني الكلمة الطيبة؛ فهي مفتاح القلوب.
- أصلح ما في قلبك؛ ينزل الله عليك السكينة، ويفتح لك الأبواب ويحميك، مهما ظهر الأمر بخلاف ذلك، يقول الحق سبحانه: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}[الفتح:18، 19]. على قدر النوايا تكون العطايا | مدار الساعة. النية الصالحة تفتح أبواب الخير والتوفيق والمعونة: - من أوجد نية الخير في قلبه أعانه الله على عمله، وفتح له من أبواب التوفيق والتيسير على قدر نيته، يقول سبحانه: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ}[الأنفال:23]. - والله لا يضيع صدق النوايا ولو خفيت عن عباده، فأرح قلبك مهما أُسيئت بك الظنون، وإياك أن تدخل في نوايا الناس فلا يعلم ما في القلوب إلا علام الغيوب، يقول الله تعالى: {رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا}[الإسراء:25]. - كتب سالمُ بنُ عبد الله إلى عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ-رحمهم الله جميعاً- في بداية خلافته: "فإن نويت الحقَّ وأردته أعانك الله عليه، وأتاحَ لك عُمَّالا، وأتاك بهم من حيث لا تحتسب، فإنَّ عونَ الله على قدر النية؛ فمن تمَّت نيتُه في الخير تمَّ عونُ الله له، ومن قَصُرَت نيتُه قصر من العون بقدر ما قصر منه" أخرجه أحمد في كتاب الزهد.
سر صلاحك في صلاح سرك، وباب جنتك في طهارة قلبك: إن سرَّ صلاحِك يكمُن في إصلاحِ سرك، فضع نيةَ الخير في قلبك وسيتولى الله أمرَك، وكم من أبواب عظيمة فُتِحَت بمفتاح النية الطيبة، وكم من شخصٍ رُزِق بنيته الطيبة أكثرَ مما يتوقع، وعلى قدر نياتكم ترزقون. لوْ يَعْلَمُ المَــرْءُ عَنْ تَدْبِيْرِ خَالِقِهِ.... لَه لَـمَا نَاحَ حُزْناً أَوْ شَــكَا أَلَـمَا خَرْقُ السَّفِيْنَةِ كَانَ الشَّرُّ ظَاهِرَهُ.... على قدر النوايا تكون العطايا - ملتقى الشفاء الإسلامي. وَالخَيْرُ فِيْهِ فَسُبْحَانَ الَّذِي حَكَمَا فهُما في الوزر سواء. والنية الصالحة كما تزيد صاحبها خيرا فإن النية السيئة تزيد صاحبها سوءًا يقول تعالى: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}[البقرة:9]. فكما أن النية الطيبة قد تُبَلِّغك منازلَ المتصدقين، فإن النيةَ السيئةَ قد تبلغك منازلَ الخاسرين، ففي بقية حديث أبي كبشة المتقدم يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ المَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ).
ومن الأقوال الشعبية المأثورة: "مهما تجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش"، أو "المكتوب في الجبين تراه العين"، أمثلة يتم تداولها بشكل واسع ليس في قطر واحد فحسب، بل أصبحت مألوفة لدى الشعوب العربية قاطبةً، وهي وإن كان معناها صحيحا مستلهما من نصوص شرعية تفيد بكتابة الأرزاق، إلا أنها استخدمت لغير المراد منها، فبدلا من استخدامها لتصبير الإنسان وتسليته عن مصائب الدنيا، استخدمت للتواكل وترك الأخذ بالأسباب ودفع الناس إلى الكسل والانكفاء، بينما المولى جل في علاه يقول:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}. طلب منا السعي، لا الانكفاء والتخاذل والرضى بالدونية، وتداول تلك الأمثلة الخائبة، أشبه بقول اليهود والعياذ بالله:{يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ}. فالإنسان هو من يجعل العراقيل أمامه ويغلق على نفسه أبواب الرزق الذي يأتي بمباشرة الأسباب، وهو من يبحث عن المقولات التي تبرر له التقاعس، وبمثل هذه المقولات يفرح أعداء الأمة عندما يترك أبناؤها لهم الدنيا بحجة الزهد الزائف أو توهّم التعارض بين العمل للآخرة والتكسب في الدنيا. الله سبحانه وتعالى سخر الأرض وما عليها للإنسان لتحقيق العبودية وإعمار الأرض، وجعل فيها أقواتها (أرزاقها)، وهو القاهر فوق عباده، وهو الهادي إلى سواء السبيل، والخير كله إليه ويأتي الخير منه.
لم يفارقني الأمل يوما - بعد التوكل الدائم على الله - في كل مرحلة من مراحل حياتي، والتي تقلبت فيها بين أمل وعمل، منذ أن أدركت أن الأمل وحده لا يكفي لتحسين حياة وتحقيق رغبات مشروعة، من حق الطموح أن يرغبها ويسعى لتحقيقها، دون إغضاب لرب الناس، ودون سعي حثيث لإرضاء الناس. فقد علمونا منذ نعومة أظفارنا أن رضا الناس غاية لا تدرك. ولا أنكر أنه كلما كان الحال رقيقا، نمت أحلام الفتى وتطلعاته، وأسمى تلك الأحلام ما أشركت فيها أهلك وتجاوزتهم إلى المقربين والمحيطين بك. عندها قد لا تخشى أن يطلع عليها الجميع، بل قد يساعدك هذا الإشهار في الحصول على عون الجميع، بعد عون الله تبارك وتعالى. ولقد تعلمت كثيرا وتسلحت بفضيلة الصبر، التي ملأ الله بها قلب أمي وأبي، رحمهما الله وجزاهما عني وأهلي خير الجزاء. تعلمت أن أكون صبورا إذا اُبتليت، كما أكون شكورا إذا عوفيت، فإن الصبر ضياء في الطريق، والشكر خير زاد ورفيق. وتعلمت أن أسأل الله العافية قبل الصبر، لأن الصبر لا يأتي إلا بعد البلاء، ورسولنا الأكرم، عليه أفضل الصلاة والسلام، يقول (من يتصبر يصبره الله)، أي من يتكلف الصبر على ضيق العيش ومكاره الدنيا، فإن الله سيؤيده.
وفي قصة أصحاب الجنة الذين أضمروا النيةَ بحرمان المساكينِ فعاقبهم الله، فتحولت بَساتينُهم إلى سواد وجناتهم إلى رماد يقول سبحانه: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}[القلم:17ـ20]. اللهم أصلح لنا النيات، وحقق لنا الأمنيات، وبلغنا الغايات في أعلى الجنات. اللهم أصلح نوايانا، وأكرم عطايانا، واجعلنا من عبادك المحسنين.