الحمد لله ربِّ العالمين، ورافِع البلاء عن المستَغفرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وصحابته والتابعين ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدّين، وسلّم تسليمًا كثيرًا. أما بعد فيا أيها المؤمنون وَإِذَا اشتد الكرب وعظم الخطب كَانَ الفرج قريبًا فِي الغالب بإذن الله قَالَ تَعَالَى: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا ﴾. دعاء الرسول عندما اشتد عليه الكرب - أفضل إجابة. وقَدْ قص الله عَلَيْنَا فِي كتابه قصصًا تتضمن وقوع الفرج بعد الكرب والشدة كما قص نجاة نوح ومن معه في الفلك من الكرب العظيم مع إغراق سائر أهل الأرض. وكما قص نجاة إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام من النار حين ألقاه المشركون فِي النار وأنه جعلها بردًا وسلامًا. وكما قص قصة مُوَسى عَلَيْهِ السَّلام مَعَ أمه لما ألقته فِي اليم حَتَّى التقطه آل فرعون ، وقصته مَعَ فرعون لما نجى الله سُبْحَانَهُ مُوَسى وأغرق عدوه فرعون وقَوْمه. وكما قص قصة أيوب ويونس ويعقوب ، ويوسف عَلَيْهمْ السَّلام ، وكما قص قصص مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ونصره على أعدائه بإنجائه مِنْهُمْ فِي عدة مواطن. عباد الله: في أحلك الظروف يجب أن تنظر من زاوية أخرى شديدة الاتساع متفائلة جدًّا، تخيل معي لحظة والنبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية ومعه المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم، عندما منعتهم قريش من الذهاب إلى مكة للعمرة.
وهذه الجنود لا يعلمها إلا الله من حيث كيف تعلم وكيف تدبر لتحارب أعداء الله لأنها تعمل في خفاء. قوة المؤمنين ومع ذلك لما أراد الحق سبحانه نُصْرة رسوله صلى الله عليه وسلم لم ينصره بآية من هذه الآيات الكونية، إنما نصره بقوة إيمان المؤمنين به وثباتهم في مواجهة أعدائهم وإلا لقالوا لولا الظواهر الطبيعية لم يقدروا علينا. لكن جعل الحق سبحانه النصر منسوباً إلى الجنود الخفية بالفعل، أما الظاهر فمنسوب إلى هؤلاء المؤمنين لكل تظل رهبتهم فى قلوب أعدائهم. اذا اشـــــتــــد الكــــــرب مـــــاذا تفــــــــــــــــــــــــــــ ـــعل! ...!!!! - عالم حواء. لذلك نقرأ في حادثة الهجرة: { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا... } [التوبة: 40]. فجند الله كانوا في هذا الموقف، لأن الصَِّديق يقول لرسول الله: لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، إذن: هناك جنود منعت رؤيتهم، الحمام الذي عشش والعنكبوت الذي نسج خيوطه لم يكُن إلا جندياً من جنود الله. سراقة بن مالك لما ساخت قوائم فرسه في الرمال، فكانت الرمال جنداً من جنود الله، والأعجب من ذلك أنْ يُسخِّر الله من الكفرة أنفسهم من يساعد في إتمام الهجرة وهو الدليل عبد الله بن أريقط وكان كافراً لا يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك لأن الله غالبٌ على أمره: فجعل هاديَ المادة يهدي هاديَ المعنى!!
حينما يكون الإنسان محتاجاً شديد الاحتياج، فليس عنده إعراض عن الله ولا حتى بمقدار شعرة، ولكن حينما يكون في غنى وفي سعة فيمكن أن يطغى كما قال الله: إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق:6-7]. فتعرفك إلى الله في الرخاء -وأنت لست في ضيق ولا كرب- سبب لأن يعرفك الله في شدتك، وأنت لا تغيب عنه في كلتا الحالتين، ولكن يتعرف إليك بالإجابة. إذاً: عند شدة الكرب تكون قوة الإيمان، والإخلاص، وصدق التوجه إلى الله، وربك يحب منك هذا، وهو لا يريد منك شيئاً، فخزائنه ملأى، وعطاؤه كلام، لكن يريد من عبده صدق التوجه إليه، وثق بأنك إذا توجهت إلى الله بصدق فمهما كانت حاجتك فإنه يقضيها، فهو لا يخيب ظن عبده أبداً، وفي الحديث: (إن الله ليستحي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم يردهما صفراً) لكن لابد أن يكون مطعمه حلالاً، ومشربه حلالاً.
بارك الله فيك اختي اللهم اجعلنا من الذين على صلاتهم دائمون كيف لا يسلى صاحب الهم بالصلاة وهو يقف بين يدي الله عز وجل ويناجيه ويبث شكواه ويدعوه وينتهي من صلاته وقد انشرحت نفسه وطابت لأنه تيقن ان الله تعالى سيزيل همه او يكفر عنه من خطاياه على قدر صبره موضوع رائع يستحق التقييم