قال أنس رضي الله عنه: وإن كان الرجل ليُسْلِمُ ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلامُ أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها)، يعني: أن هذا فيه تأليف القلوب للدخول في الإسلام والثبات عليه. ومن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم - أيضاً -: التواضعُ وخَفضُ الجناح للمؤمنين؛ ممتثلا أمر الله له: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ سورة الشعراء: 215]. وذلك أن التواضع يتألف القلوبَ ويملكها بالمحبة، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم متواضعاً، خافضَ الجناح، لين الجانب، إذا جلس بين أصحابه كان كأحدهم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَخصفُ نعلَه ويَخيط ثوبَه، ويعملُ في بيته كما يعمل أحدكم في بيته) صححه الألباني. شجرة اخلاق الرسول محمد. وقالت: (كان بشراً من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه) صححه الألباني. وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويُقِلُّ اللغوَ، ويُطيل الصلاة، ويُقصِّر الخطبةَ، ولا يأنفُ أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي حاجته) قال الألباني: إسناده صحيح. نفعنا الله بكتابه الكريم وهدي سيد المرسلين..... الخطبة الثانية ومن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم حفظ اللسان وكف الأذى وترك الشتم والسب، عن أنس رضي الله عنه قال: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا لعاناً ولا سباباً.. ) رواه البخاري.
فأقبل الرجل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبد الله، إن أبا الحكم بن هشامٍ قد غلبني على حقٍّ لي قِبَلَه، وأنا رجل غريب ابن سبيل، وقد سألتُ هؤلاء القوم عن رجلٍ يؤدِّيني عليه، يأخذ لي حقِّي منه، فأشاروا لي إليك، فخذ لي حقِّي منه يرحمك الله. قال صلى الله عليه وسلم: «انْطَلِقْ إلَيْهِ». وقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا رأوه قام معه، قالوا لرجل ممَّن معهم: اتبعه فانظر ماذا يصنع. قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه، فقال: من هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «محمد، فاخرج إليَّ». فخرج إليه وما في وجهه من رائحةٍ قد تغير لونه، فقال صلى الله عليه وسلم: «أَعْطِ هَذَا الرَّجُلَ حَقّهُ». قال: نعم، لا تبرح حتى أعطيه الذي له. شجرة اخلاق الرسول والمؤمنين. قال: فدخل فخرج إليه بحقِّه فدفعه إليه. قال: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم للرجل: «الْحَقْ بِشَأْنِكَ». فأقبل الرجل حتى وقف على ذلك المجلس فقال: جزاه الله خيرًا، فقد -والله- أخذ لي حقِّي) (السيرة النبوية لابن هشام). الشجاعة ليست في القتال والمعارك فقط، بيِّن شجاعته صلى الله عليه وسلم في غير القتال.