فالحرية هي في محاولة تجاوز العوائق، و نحن نحب الحرية بقدر ما نكره تلك العقبات التي توضع أمام رغباتنا و حاجاتنا. ترى.. هل و متى يتحرر العالم من العوائق التي تواجه الحرية؟ لقد تحرر الإنسان بفضل الطب و تقدم العلوم من العديد من جراثيم الجهل و التخلف و الظلم. ليس بيننا من يقول أنه لا يعشق الحرية.. لكن هناك الكثيرون حولنا ممن لا يدركون معنى الحرية الحقيقي، فما العمل؟ مطلوب أن يتعلم الناس منذ صغرهم الانطلاق خارج إطار الأنماط العادية والأطر الروتينية، أن يستجيبوا لنداءات حدسهم الداخلي وأن يستشعروا القوانين لا من المجتمع بل من وحي ضمائرهم، ففي كل منا منطق داخلي يؤثر على سلوكنا. إن كبح وسائل التفكير الحر و مايتبعه من التعبير الحر أمر خطير، لأنه مع أول جرعة حرية، تنطلق سيول عارمة من مشاعر الغضب و ربما استخدام طرق غير مقبولة من التعبير. مطلوب أن تستجيب الأنظمة التربوية لمتطلبات الحرية، فإذا كان هدف كل نظام تربوي هو "إعداد المواطن الصالح"، فإنه من غير المعقول أن يكون المواطن الصالح جباناً لا يمتلك وسائل التعبير عن ذاته و مكنونات نفسه بوسائل ملائمة. كلام عن الحرية. المطلوب هو أن تعاد صياغة البيئات التعليمية بشكل تدمج معه الحرية و الإبداع في كل منهاج و في كل طريقة تدريس.
لكي تكون حراً، لا بد من الحرية المادية و الحرية العقلية. ولكي تعرف مقدار حريتك المادية، حاول أن تمشي في أي ساعة من النهار أو الليل، وحاول أن تنفق نقودك على أي شيء تختاره، وحاول أن تقول أي شيء في ذهنك، حاول أن تفعل كل ذلك ثم راقب ردود فعل الآخرين من البشر طبعاً... حاول أن تمارس هواياتك المفضلة وابحث عن أسباب سعادتك، لكن من دون أن يؤدي ذلك إلى اعتقالك، أو الاشتباه بك، أو السخرية من تصرفاتك. إن ذلك فأنت حر! كلام عن الحريه الشخصيه. من حيث المبدأ، لكل منا القدرة على ممارسة الحرية، لكن الحرية لها حدود وقيود بدرجات نسبية، فحرية الأغنياء أكثر من حرية الفقراء، و حرية الذين يملكون الوسائل أكثر من حرية أولئك المعدومين، فالحرية هي أولاً و أخيراً القدرة على ممارسة الاختيار. فأنت حر إذا كان أمامك الخيار مفتوحاً لعمل ما تريد، وأنت حتماً سعيد بقدر ما تتاح لك الفرص لتعيش بدون قيود. نولد أحراراً، ولكننا سرعان ما تتلقانا أياد الآخرين من حولنا، فيضعون لنا "القوانين" و يصنعون لنا القوالب لنعيش بداخلها مدى العمر، ظناً منهم أن هذا هو الأفضل لنا،فهم الذين يقررون مدى حريتنا من خلال تلك القوالب التي فصلوها لنا. وليس الجسد وحده حبيس تلك القوالب، وإنما العقل أيضاً.