قال تعالى: {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ}، [4] جاءت هذه الآية بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن يحكم المسلمين بما أمر الله -عزَّ وجلَّ- ومن المعلوم أنَّ خطاب النبي هو خطابٌ لأمته ما لم يرد تخصيص، وإنَّ الأمر بالحكم بما أنزل الله يتوجب وجود إمامٍ يلي أمور المسلمين، وإنَّ الأمر باتخاذ إمامٍ يلي أمر المسلمين، يوجب على المسلمين طاعته. قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}، [5] إنَّ الأمر بنصرة ولاة الأمر، تقتضي الأمر بوجوب طاعتهم. من السنة النبوية: كذلك وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدلُّ على وجوب طاعة ولاة الأمر، ومن هذه الأحاديث ما يأتي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أوصيكم بتقوى اللهِ والسمعِ والطاعةِ وإن عبدًا حبشيًّا، فإنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ".
والله ولي التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه [1]. حوار مع سماحته في ندوة عقدت بجامع الإمام فيصل بن تركي في مدينة الرياض، ونشرته جريدة (الشرق الأوسط) بتاريخ 4/ 11/ 1413هـ، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 7/ 119).
وأهل السنة يعتقدون أن النصيحة لولاة الأمر تكون سرًا لا علانية أمام الناس- عن عياض ابن غنيم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية وليأخذ بيده فإن سمع فذاك وإلا أدى الذي عليه" [14]. وأهل السنة يحرمون الخروج على ولاة الأمور إذا لم يسمعوا للنصيحة، ويأمرون بالصبر عليهم. عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله: (أريت أن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم، فقال اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم)، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستلقون بعدي أثرة اصبروا حتى تلقوني" [15]. وجوب طاعة ولاة الأمر. الهوامش: [1] رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة، رقم الحديث: (1851) [2] رواه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سترون بعدي أمورًا تنكرونها)، رقم الحديث: (7055). [3] رواه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سترون بعدي أمورًا تنكرونها)، رقم الحديث: (7054). [4] رواه الترمذي، أبواب الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة، رقم الحديث: (2165).
فهنا أمرين وليس ثلاثة. 1 - طاعة الله 2- طاعة الرسول وأولي الامر منكم معطوفة بمعنى وأولي الأمر يطيعون الله ورسوله وحين الاختلاف فمرده إلى الله وإلى الرسول والحكم وقتي تشريعي لحادثة حصلت قي وقت رسول الله يثبت ذلك مرده للرسول بوجوده. فولي الأمر هو مكلف تكليف تشريعي وليس تكليف تشريفي لعصمته وطاعته الطاعة المطلقة.. بل ذهب بعضهم أن ولي الأمر لا يخطيء وطاعته واجبة حتى لو تعارضت طاعته مع طاعة الله ورسوله. وفي هذه عبادة الفرد وتحويل طاعة الله ورسوله له. وكأننا قلبنا هدف الإسلام إلى ضده. طاعه ولي الامر الصف العاشر. من طاعة رب العباد إلى طاعة العباد. وليس ولي الأمر هو الحاكم بل حتى رب الأسرة ولي أمر لا طاعة له في معصية الله.. ومدير العمل ولي أمر.. والقائد ولي أمر. قال أبو بكر رضي الله عنه ( أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم).. بمعنى الطاعة فيما يتوافق مع طاعة الله. فلا يوجد في الإسلام طاعة عمياء تحت قانونية هذه الاية التي تنافي هذه الفكرة أصلا.
لقد أمر الله عز وجل بطاعة أولي الأمر، وعد ذلك من طاعته كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ [ النساء: 59] ، واختلف في المراد بـ " أُوْلِي الأَمْرِ" هنا: فقيل: إنهم الأمراء، وقيل إنهم العلماء والفقهاء انظر ((تفسير الطبري)) (5/150)، ((الرسالة)) للشافعي (ص 79)، ((أخلاق العلماء)) للآجري (ص 20)، كتاب السنة للمروزي (ص 41). والظاهر أن الآية عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء انظر ((تفسير ابن كثير)) (2/497)، مختصر شعب الإيمان لأبي بكر البيهقي اختصره أبو القاسم عمر القزويني (ص 68). يقول ابن قيم الجوزية مرجحا أن المراد بأولي الأمر: العلماء والأمراء: والقولان ثابتان عن الصحابة في تفسير الآية، والصحيح أنها متناولة للصنفين جميعا، فإن العلماء والأمراء ولاة الأمر الذي بعث الله به رسوله، فإن العلماء، ولاته حفظا وبيانا وذبا عنه، وردا على من ألحد فيه وزاغ عنه. طاعة ولي الأمم المتحدة. والأمراء ولاته قياما وعناية وجهادا وإلزاما للناس به، وأخذهم على يد من خرج عنه. وهذان الصنفان هما الناس، وسائر النوع الإنساني تبع لهما ورعية" الرسالة التبوكية (ص 50). نعم، إن هؤلاء هما الناس، وسائر النوع الإنساني تبع لهما ورعية، ومتى ما اختل هذا الميزان وقعت الفرقة في الأمة، ودب الضعف في كيانها.