والحكيم في نظري،هو من يستطيع في أحلك الظروف أن يحافظ على قدرته على التمييز بين الباطل والحق، بين المقبول والمرفوض،بين النافع والضار،بين الجائزوالممنوع. بين المتضادات القريبة من بعضها البعض. ومن أوتي كل هذا فقد أوتي شيئا عظيما وتبوأ مكانة سامية! يقول الله تعالى " وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ "( الآية 269 من سورة البقرة). وصدق الحق تعالى في قوله أن من آتاه الحكمة فقد آتاه خيرا عظيما، فهي أكبر عطاء من الله ،لكونها نور من أنوار المعرفة الصادقة وأهم ثوابت الحق…هي صواب القول والفعل،بالحكمة فقط يستطيع المرء أن يجعل من العدو صديقا ومن الكوخ قصرا،ومن الدخل المحدودعيشة هنيئة. بالحكمة فقط يستطيع أن يحيا عيشة ملؤها السعادة والرضا على أبسط الأمور،تفرح بالمتاح وتتقبل و ترضى بما هوغير متاح،تفرح بما مضى وبما هو آت. رابطة أدباء الشام - ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذّكر إلا أولو الألباب ). بالحكمة فقط تتقبل عيوبك وعيوب الآخرين وتتوقف عن السعي وراء وهم المثالية، وتركز فقط على تقويم إنسانيتك المشتتة! ختاما، يقول لقمان الحكيم:" خف الله خوفاً لو أتيته بعمل الثقلين خفت ان يعذبك، وارجه رجاءاً لو اتيته بذنوب الثقلين رجوت ان يغفر لك، يا أبت وكيف اطيق هذا وانما لي قلب واحد؟ يا بني لو استخرج قلب المؤمن فشق لوجد فيه نوران نور للخوف و نور للرجاء لو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة".
اللَّهُمَّ آتِني الحِكْمَةَ الَّتي مَنْ أُوتِيهَا فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا)) ( [1]). ((تضمّن سؤال اللَّه تعالى الحكمة، وهي:العلوم النافعة والمعارف الصائبة، وإصابة الصواب في الأقوال، والأفعال، وهذا أفضل وأعظم العطايا، وأجلٌّ الهبات))( [2]). قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾، قال النبي صلى الله عليه وسلم (( لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا))( [3])، وأعظم وأجلُّ ما يدخل في الحكمة تعلُّم القرآن، فقد صحَّ عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا في تفسير الحكمة أنه قال: ((يعني المعرفة بالقرآن: ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله))( [4]). ( [1]) قال I:] يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [ [سورة البقرة، الآية:269]. ( [2]) تفسير ابن سعدي، 1/ 332. ومن اوتي الحكمة | عرب نت 5. ( [3]) البخاري، كتاب الزكاة، باب إنفاق المال في حقه، برقم 1409، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، وفضل من تعلم حكمة من فقه أو غيره فعمل بها وعلمها، برقم 816.
قال النَّووي: "ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلِّمها، معناه: يعمل بها ويعلِّمها احتسابًا، والحكمة: كلُّ ما منع من الجهل، وزجر عن القبيح". - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ضمَّني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: « اللهمَّ علِّمه الحِكْمَة » (رواه البخاري). قال ابن حجر: "اختلف الشُّرَّاح في المراد بالحِكْمَة هنا، فقيل: القرآن، كما تقدم، وقيل: العمل به، وقيل: السُّنَّة، وقيل: الإصابة في القول، وقيل: الخشية، وقيل: الفهم عن الله، وقيل: العقل، وقيل: ما يشهد العقل بصحته، وقيل: نور يُفرِّق به بين الإلهام والوسواس، وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة". وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التَّفسير في تفسير قوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}، والأقرب أنَّ المراد بها في حديث ابن عباس: "الفهم في القرآن". المصدر: الدرر السنية 14 4 29, 853