فالولاء إذن في القرآن له نفس المعنى في اللغة وهو علاقة إيجابية تقوم على المودة بين الأولياء. البراء أيضا في القرآن له نفس المعنى في اللغة أي انقطاع الصلة بين المتبرئ والمتبرأ منه مثال ذلك قوله سبحانه: ﴿فَإِن عَصَوكَ فَقُل إِنّي بَريءٌ مِمّا تَعمَلونَ﴾ ٤ أي لا علاقة لي بما تعملون فقد عصيتموني ولم تعملوا ما عملتم بأمري. الولاء والبراء - ملتقى الخطباء. منزلة الولاء والبراء في الإسلام في الإسلام يعتبر الولاء انتماء، فمن تولى قوما فهو منهم، وهنا تكمن خطورته فهو متعلق بصلب الإيمان حيث أنه شرط من شروط الإسلام كما سنرى في الإسلام تنقسم الهوية التي هي محل الانتماء إلى هويتين لا ثالث لهما، وهما إيمان وكفر، وذلك لقوله سبحانه: ﴿هُوَ الَّذي خَلَقَكُم فَمِنكُم كافِرٌ وَمِنكُم مُؤمِنٌ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾ ٥ فالمرء إما أن ينتمي لفسطاط الإيمان بالولاء للمؤمنين، أو ينتمي لفسطاط الكفر بالولاء للكافرين، ولا احتمال ثالث. من أدلة ما سبق قول الحق سبحانه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذُوا اليَهودَ وَالنَّصارى أَولِياءَ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ﴾ ٦ فمن يتولهم فهو منهم فعلا عند الله عز وجل، فالولاء انتماء كامل عند الله عز وجل.
وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} [التوبة 071]. قال ابن جرير: «وأمّا المؤمنون والمؤمنات، وهم المصدّقون بالله ورسوله وآيات كتابه، فإن صفتهم أن بعضهم أنصارُ بعض وأعوانهم». وأما البراء، فقال تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)} [آل عمران 028]. قال ابن جرير في تفسيرها (ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكُفّارَ ظَهْرًا وأنصارًا، توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتَدُلّونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} يعني بذلك: فقد برئ من الله، وبرئ اللهُ منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر.
[13] آيات الولاء والبراء في القرآن الكريم إنّ مصدر التّشريع الإسلاميّ يتمثّل في الكتاب والسّنة فلا يلزم قولٌ إلا بكتاب الله أو سنّة نبيّه، وفيهما ورد موضوع حكم الولاء والبراء فهنالك الكثير من آيات الولاء والبراء في القرآن الكريم التي توضّح أحكامهما وتبيّن تفاصيلهما، ففي الولاء وردت آيات كثيرة منها: [14] قول الله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}، [15] وفي تفسيرها أن ليس اليهود ولا النّصارى ولا غيرهم من الكفارأولياء للمسلمين بل إنّ وليّهم الله ورسوله والمؤمنين. وفي الولاء والبراء ورد أيضاً قوله سبحانه وتعالى: {لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}، [16] حيث نهت الآية الكريمة عن اتّخاذ المؤمنين الكافرين أولياء لهم يحبّونهم وينصرونهم من دون المؤمنين إلا في حالة الخوف فيصحّ اتّقاء أذى الكفّار بإظهار اللين واللطف لهم في الظّاهر دون الباطن.