فقط، من بين كل التجارب الملهمة لتلك الدول الصاعدة إلى منصات التطور والتقدم والازدهار العالمي، سأطوف سريعاً حول التجربة الكورية الجنوبية، والتي أطلق عليها العالم "معجزة نهر الهان". ومع أن تطور الامم عبر التاريخ، ليس بمعجزة لا يمكن فهمها أو فك طلاسم نجاحها، إلا انها تعتمد على طبيعة ونوعية الشعوب والمجتمعات والأمم التي يختلف فيها منسوب الطموح والإصرار والأحلام والأهداف. جريدة الرياض | الريال السعودي والعامل الكوري. تعود نشأة الدولة الكورية إلى سنة ٢٢٣٣ قبل الميلاد، عندما تأسست أول مملكة في شبه الجزيرة الكورية، وهي "مملكة شون سون". وقد عانت كوريا من الاحتلال الياباني الذي أذاق الكوريين كل أصناف العذاب والمهانة والإذلال، بل إن فترة الاحتلال الياباني لكوريا تُعتبر الاقسى في تاريخ هذه الامة العظيمة، وقد حاول اليابانيون طمس الهوية الكورية بالكامل، ولكن نهاية الحرب العالمية الثانية شهدت هزيمة مذلة لليابان التي انسحبت على اثرها من شبه الجزيرة الكورية عام ١٩٤٥، ولكن حلم الاستقلال الذي انتظره الكوريون طويلاً تأجل أيضاً، ولكن هذه المرة بسبب الامريكيين والسوفيات الذين تقاسموا شبه الجزيرة الكورية، حيث سيطرت القوات الامريكية على الجنوب، وقوات الاتحاد السوفياتي على الشمال.
٥٠ عاماً فقط، كانت كافية جداً، لأن يصنع الكوريون واقعهم الجميل، لتصبح كوريا الجنوبية أحد أهم مصادر الإعجاب والفخر والإلهام في العالم، كل العالم. حينما أعود لقصة البائع السعودي والعامل الكوري، ترتسم في وجهي ابتسامة، ولكنها بطعم الحزن. نعم، عاد لنا الكوريون بعد عدة عقود، ولكن بشكل مختلف وبواقع مذهل. هذه المرة، عاد الكوريون الجنوبيون، ليسوا كعمال بسطاء في قطاع الصرف الصحي، ولكن كرواد في صناعة الاجهزة السمعية والبصرية والإلكترونية، وكأمة ملهمة تُسهم في تطور المسيرة الإنسانية، بل وتتحكم في الكثير من التحولات والاقتصاديات العالمية الكبرى. تحويل من الوون الكوري الى الريال السعودية. الريال الذي ضاع في زحمة الوجوه الكورية المتشابهة قبل ٣ عقود، لم يعد لصندوق تلك البقالة الصغيرة التي لم تعد موجودة أصلاً، ولكننا الآن نُنفق مليارات الريالات لأحفاد ذلك الكوري.. نقلاً عن صحيفة "الرياض" تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
حينما كنتُ في ال١٥ من عمري، حدثت هذه القصة الطريفة التي أحفظها عن ظهر قلب، ومازالت محفورة في عقول وقلوب مجتمع تاروت، هذه الجزيرة الوادعة الجميلة التي تطفو بأناقة وهدوء على الخليج العربي. القصة أو النكتة باختصار، أن أحد الكوريين الجنوبيين الذين كانوا يعملون في الشركة الكورية التي تُنشئ قطاع الصرف الصحي في هذه الجزيرة، بل وفي عموم المنطقة الشرقية، لم يدفع ريالاً لأحد الباعة البسطاء الذين يملكون بقالة متواضعة ثمناً لقارورة مشروب غازي، بحجة أنه قد نسي محفظته، وسيدفع ذلك الريال في وقت آخر. التحويل من الوون كوري جنوبي إلى الريال السعودي (KRW/SAR) | الأسعار الحالية. البائع الطيب، وافق على مضض كي لا يخسر زبائنه الكوريين الذين يملأون المنطقة بكثافة، إذ لا تجد سوقاً أو شارعاً إلا ويغص بالعشرات من هؤلاء العمال الكوريين. مر يوم وآخر، ولم يحضر ذلك الكوري المستدين، فما كان من البائع الظريف إلا أن كان يقول لكل كوري يقابله أو يحضر لبقالته: "لو سمحت جيب الريال اللي عليك"، لأنهم أي الكوريين وكما نظن طبعاً بأنهم يتشابهون، بل ويتطابقون، فيصعب التمييز بينهم. تعود نشأة الدولة الكورية إلى سنة ٢٢٣٣ قبل الميلاد، عندما تأسست أول مملكة في شبه الجزيرة الكورية، وهي «مملكة شون سون». وقد عانت كوريا من الاحتلال الياباني الذي أذاق الكوريين كل أصناف العذاب والمهانة والإذلال، بل إن فترة الاحتلال الياباني لكوريا تُعتبر الاقسى في تاريخ هذه الامة العظيمة هدفي من هذه القصة الطريفة التي مازال البعض يتندر بها، رغم مرور كل تلك السنين، ليس الكتابة عن الحالة البسيطة والجميلة والعفوية التي كنا نعيش بها، أو لإشاعة جو من الابتسامة والبهجة والمتعة للقراء.
٥٠ عاماً فقط، كانت كافية جداً، لأن يصنع الكوريون واقعهم الجميل، لتصبح كوريا الجنوبية أحد أهم مصادر الإعجاب والفخر والإلهام في العالم، كل العالم. حينما أعود لقصة البائع السعودي والعامل الكوري، ترتسم في وجهي ابتسامة، ولكنها بطعم الحزن. نعم، عاد لنا الكوريون بعد عدة عقود، ولكن بشكل مختلف وبواقع مذهل. هذه المرة، عاد الكوريون الجنوبيون، ليسوا كعمال بسطاء في قطاع الصرف الصحي، ولكن كرواد في صناعة الاجهزة السمعية والبصرية والإلكترونية، وكأمة ملهمة تُسهم في تطور المسيرة الإنسانية، بل وتتحكم في الكثير من التحولات والاقتصاديات العالمية الكبرى. الريال الذي ضاع في زحمة الوجوه الكورية المتشابهة قبل ٣ عقود، لم يعد لصندوق تلك البقالة الصغيرة التي لم تعد موجودة أصلاً، ولكننا الآن نُنفق مليارات الريالات لأحفاد ذلك الكوري..