masonicoutreachservices.biz

masonicoutreachservices.biz

والقى في الارض رواسي ان تميد بكم

Tuesday, 30-Jul-24 00:13:23 UTC
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ﴿مِنْ كُلّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾: أي حسن.

تعظيم الله جل وعلا – خطبة الجمعة 22 – 5 – 1441هـ - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

الخطبة الأولى: [الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُون](الأنعام:1)، وأشهدُ أن لا إلَه إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له؛ أوجَدَ العبادَ من العدَمِ وأمدَّهمْ بالنعمِ، وكشفَ عنهم الكروبَ والخُطوبَ والمحنَ، وبشَّر المؤمنينَ بالجنانِ والنعيمِ المقيمِ، وحذَّر الكافرينَ والمنافقينَ من العذابِ المهينِ، والمقامِ في دارِ الجحيمِ. وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُاللهِ ورسولُه؛ أعرفُ النَّاسِ بربِّه، وأتقاهمْ وأخشاهمْ لمولاه وخالقِه، صلى اللهُ وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأزواجِه وأتباعِه إلى يومِ الدينِ وسلَّم تسليما كثيرا. أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله جلَّ وعلا ، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون](آل عمران: 102). الباحث القرآني. أيها المؤمنون والمؤمنات: الحديثُ عن اللهِ جلَّ جلالُه وتقدَّست أسماؤه حديثُ شوقٍ وحنينٍ، ومحبةٍ وتعظيمٍ، فاللهُ؛ كلمةٌ عظيمةٌ تهتزُ لهَا قلوبُ المؤمنينَ المخبتينَ، وتستشعرُ عظمتَها جميعُ الخلائقِ أجمعين.

قوله تعالى: أن تميد بكم (معناه وبلاغته في ضوء كلام العرب)

ويعظِّمونَ شريعتَه، ويقفونَ عندَ حدودِه، ويمتثلونَ أوامرَه، ويجتنبونَ نواهيَه. وإذَا سمعوا آياتِه، خشعتْ قلوبُهم واقشعرتْ جلودُهم، وفاضتْ بالدمعِ أعينُهم؛ ولهجتْ ألسنتُهم بذكرِه وتسبيحِه وتكبيرِه وحمدِه، محبةً وإجلالاً وتعظيمًا لمولاهمْ وخالقهِم، قائلينَ بألسنتِهم: [رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ](آل عمران: 191). وهؤلاءِ يعرفونَ قدرَ نعمةَ الإسلامِ، ويتلذَّذونَ بنعمةِ الإيمانِ، فيخضعونَ لهيبتِه، ويصبرونَ على طاعتِه، ويرضونَ بقضائِه وقدرِه، ويبذلونَ وسْعَهم للوصولِ إلى مرضاتِه، ويستصغرونَ أنفسَهم ويتهمونَها بالتقصيرِ والظلمِ، ويستقلونَ أعمالَهم في جانبِ نعمِه الكثيرةِ التي لا تُعدُّ ولا تُحصى. تعظيم الله جل وعلا – خطبة الجمعة 22 – 5 – 1441هـ - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار. ويقدِّمونَ محابَّ ربِّهمْ سبحانَه وتعالى، ومحابَّ رسولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، على جميعِ محبوباتِ أنفسِهم، ويُكثرونَ من ذكرِه تعالى وشكرِه والثناءِ عليه بمَا هو أهلُه، ويُحسنونَ الظنَّ به، ويتوكَّلونَ عليه، ويعتصمونَ بجنابِه، ويلجؤونَ إليهِ في جميعِ أحوالِهم، ويَدْعونَه رَغَبًا ورَهَبًا وهُم لهُ خاشعونَ. وهؤلاءِ هُم الفائزونَ برضاهِ ورضوانِه، ودخولِ جنَّتِه.

الباحث القرآني

وقال أيضًا عمن أغلقوا لسانه فيميد كما يميد الرجل الأميم: ومعتقل اللسانِ بغير خَبَلٍ يميد كأنه رجلُ أميمُ تبلَّغُ بَارِحِيُّ كَراهُ فيه وآخرُ قبلَه فله نئيمُ أقمتُ له سَراهُ بمُدْلَهِمٍّ أمَقَّ إذا تخاوصتِ النجومُ [10] نئيم: أنين، أمق: طويل، تخاوصت: مالت. قوله تعالى: أن تميد بكم (معناه وبلاغته في ضوء كلام العرب). وقال أيضًا عمن أصابه الرمح فهو يميد فيه، ويلفظ أنفاسه الأخيرة: التاركُ القِرنَ مصفرًّا أناملُه *** يميد في الرمح ميدَ المائح الأسِنِ [11] وقال قيس بن ذريح عن اضطراب مَنْ لدغته الحية: كأني من لُبْنَى سليمٌ مُسَهَّدٌ *** يظلُّ على أيدي الرجال يميدُ [12] سليم: ملدوغ. يبدو من دراسة هذه الشواهد أنَّ "الميد" يستخدم لكل من حالة الدُّوَارِ، وحالة أثر الخمر، وتمايل الأرض، وحالة غلبة النعاس، واضطراب الطعين [13] والسليم، وكلُّ هذه الحالات تشير إلى عدم قرار الشيء في مكان خاصٍّ، واضطرابه اضطرابًا لا مكانيًّا، أما بالنسبة للأرض فهذه الكلمة تعني عدمَ ثباتها على طريق مستقيم، بل مَيَلانها إلى اليمين والشمال في سيرها إلى الأمام، وهذا يسبِّب خروجها من نظامها، ومن فلكها الخاص، ويُوجِب اصطدامها مع السيَّارات الأخرى، ودمارها دمارًا جماعيًّا. يرادفه لفظ "الميل"؛ كما قال زهير بن أبي سلمى: حتى إذا ما التقى الجمعان واختلفوا ضربًا كنحت جذوع النخل بالسَّفَنِ [14] يغادر القرنَ مصفرًّا أنامله يميل في الرمح ميلَ المائح الأسِن [15] وأما قول النابغة الذبياني الآتي: تخفُّ الأرضُ إن تفقدك يومًا وتبقى ما بقيتَ بها ثقيلا لأنك موضعُ القسطاس [16] منها فتمنع جَانِبَيْها أن تميلا [17] فإما أنه منحول، أو مما استقاه من الصحف السماوية القديمة.

فهو اللهُ الذي [بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ] (المؤمنون:88)، وهو الله الذي [خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ](لقمان:10). وهو اللهُ الذي [يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا](فاطر: 41). وهو اللهُ الذي ذلَّت لعظمته جميعُ الموجوداتِ، وخضعتْ لعزتِه جميعُ الكائناتِ، فكلُّ شيءٍ مفتقرٌ إليهِ وهو غنيٌّ عنها [وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُون]. وهو العظيمُ سبحانَه الذي خَضَعَ كلُّ شيءٍ لأمرِه، ودانَ لحُكمِه وحِكْمتهِ، والكلُّ تحتَ سلطانِه وقهرِه، وهو اللهُ ذُو العظمةِ، فلا شيءَ أعظمَ مِنْهُ [وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ](البقرة: 255). مَلِكٌ يُدبِّرُ أمرَ عبادِه، يأمرُ وينهَى، ويُعطِي ويمنعْ، ويخفِضُ ويرفعُ، أوامرُه مُتعاقبةٌ على تعاقُبِ الأوقاتِ، نافذةٌ بحسبِ إرادتِه ومشيئتِه، فما شاءِ كانَ وما لم يشأْ لمْ يكنْ، [يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ](الرحمن: 29).

وعَلِمتْ الرسلُ عظمتَه؛ فنصبُوا في عبادتِه، ودَعوا أقوامَهم إلى توحيدِه ومحبتِه، وخوَّفوهم من نقمتِه وسطوتِه وغضبِه، وبشَّروهم برضوانِه وجنَّتِه. ونبيُّنا محمدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم آخرُ الأنبياءِ والمرسلينَ كانَ أشدَّ الناسِ تعظيمًا لربِّه، وبيَّنَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم شيئًا من عظمتِهِ سبحانَه فيما خَلَقَ فقالَ:(أُذِنَ لي أن أُحدِّثَ عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام)(رواه أبو داود).