فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: مَا مَعَنَا إِلاَّ قُوتُ الصِّبْيَانِ فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ وَأَطْفِئِي سِرَاجَكِ وَنَوِّمِى صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا الْعَشَاءَ. فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا وَأَصْلَحَتْ سِراجَهَا وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِراجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ وَجَعَلاَ يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلاَنِ وَبَاتَا طَاوِيَيْنِ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: « لَقَدْ ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ أَوْ عَجِبَ مِنْ فَعَالِكُمَا وَقَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9] تَلاَ الآيَةَ [2]. ثانيًا: قضاء الحاجات: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف به عنه كربةً أو يقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعًا، ولئن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا - يعني مسجد المدينة -، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له، أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام، وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل» [3].
5- الرَّحْمَة بمن هم تحت سلطانه، من العبيد، والخدم، والعمال، وغيرهم: [3] 6- الأمر بإحسان القِتلة والذبحة: عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه أنَّه قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: « إنَّ الله كتب الإحسان على كلِّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذَّبح، وليحدَّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته » (رواه مسلم برقم: [1955]). 7- النهي عن تعذيب الحيوان أو إخافته أو إجهاده أو إجاعته: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « دخلت امرأة النَّار في هرَّة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض » (رواه البخاري برقم: [3318]، ومسلم برقم: [2242]). وعلى نقيض هذه الصورة، ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صورة أخرى، لامرأة غفر الله لها ذنبها بسبب كلب: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « بينما كلب يطيف [5] بركيَّة [6] ، كاد يقتله العطش، إذْ رأته بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها [7] ، فسقته، فغفر لها به » (رواه البخاري برقم: [3467]).
فالمصور لما صوَّر الصورة على شكل ما خلقه الله - تعالى - من إنسان وبهيمةٍ - صار مضاهيًا لخلق الله، فصار ما صوَّره عذابًا له يوم القيامة، وكُلِّف أن يَنفخ فيه الروح، وليس بنافخ، فكان أشد الناس عذابًا؛ لأن ذنبه من أكبر الذنوب. وقد قسَّم النووي - رحمه الله - المصورين إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: من صنَع الصورة لتُعبَد من دون الله؛ كالذين يصنعون الأصنام؛ فهذا كافر، وهو أشد الناس عذابًا. القسم الثاني: من لم يقصد أن تُعبَد الصورة، ولكنه قصد مضاهاة خلْق الله؛ فهذا أيضًا كافر، وله من شدة العذاب ما للكافر. القسم الثالث: من لم يقصد العبادة ولا المضاهاة، فهذا فاسقٌ صاحب ذنبٍ كبير. صور ان الله وانا اليها وانا راجعون. ثالثًا: يحرم التصوير؛ لِما يجرُّ إليه من الافتتان بالصورة الجميلة للنساء، خصوصًا: النساء الخليعات المتبرِّجات العاريات، وشبه العاريات؛ كالصور التي تنشر في الأفلام وبعض الصحف والمجلات، فإن هذه الصور تدعو إلى فساد الأخلاق، وانتشار الجريمة، وكذا عرْض صور الرجال أمام النساء، مما يدعوهنَّ للافتتان بهم، وقد أصبح هذا اللون من الصور من أعظم الفتن التي أفسَدت الأخلاق. وقد ورد في التصوير أنواع من الوعيد؛ منها: لعن المصورين، وأنهم أشد الناس عذابًا يوم القيامة، وأنه يقال للمصورين: ((أحيُوا ما خلَقتم))، وأنهم يكلفون أن ينفخوا الروح في الصور التي صوَّروها، وأن المصور يعذَّب بكل صورة صوَّرها في الدنيا، يُجعل له نفسٌ يعذَّب بها، وكما يحرم التصوير، يحرم استعمال الصور والاحتفاظ بها للذكريات، وتعليقها على الجدران، أو وضْعها على طاولات التجميل؛ سواء كانت تماثيلَ، أو رسومًا، وصحَّ في الحديث أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة.