وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله تعالى: لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا تعلم نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى ينزل الغيث إلا الله»، وقال مجاهد: هن مفاتح الغيب التي قال الله: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ... )، «سورة الأنعام: الآية 59». قال الطبري، ابتدأ - تعالى ذكره - الخبر عن علمه بمجيء الساعة، فقال: إن الله عنده علم الساعة، التي تقوم فيها القيامة، لا يعلم ذلك أحد غيره، وينزل الغيث من السماء، لا يقدر على ذلك أحد غيره، ويعلم ما في الأرحام، أرحام الإناث، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا، وما تعلم نفس حي ماذا تعمل في غد، وما تدري نفس بأي أرض تموت، ما تعلم نفس حي بأي أرض تكون منيتها، إن الله عليم خبير، إن الذي يعلم ذلك كله هو الله دون كل أحد سواه، إنه ذو علم بكل شيء، لا يخفى عليه شيء، خبير بما هو كائن، وما قد كان. مفاتيح الغيب خمس.. لا يعلمهن إلا الله - صحيفة الاتحاد. وقال قتادة، أشياء من الغيب، استأثر الله بهن، فلم يطلع عليهن ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً، إن الله عنده علم الساعة، فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة، في أي سنة، أو في أي شهر، أو ليل، أو نهار، وينزل الغيث، فلا يعلم أحد متى ينزل، ليلاً أو نهاراً؟، ويعلم ما في الأرحام، فلا يعلم أحد ما في الأرحام، أذكر أو أنثى، أحمر أو أسود، أو ما هو؟، وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، خير أم شر، ولا تدري يا ابن آدم متى تموت؟ لعلك الميت غداً، لعلك المصاب غداً؟، وما تدري نفس بأي أرض تموت، ليس أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض في بحر أو بر أو سهل أو جبل.
الصورة المرفقة: أمام شقة الفيلسوف حسن حنفي في الطريق الطويل إلى "ابنِ خلدون" ، جلستُ أستظلُّ تحت شجرة "حسن حنفي" كنت في واحدة من رحلات المشي الصيفية الطويلة بقاهرة المعز حين وجدت نفسي مصادفة أمام شقة الدكتور حسن حنفي، أستاذ الفلسفة وعلوم الحضارة بجامعة القاهرة، وأحد أعلام الفلسفة العربية الإسلامية في القرن العشرين. الشقة تقع في فيللا كلاسيكية على شكل عمارة جميلة صغيرة من ثلاثة أدوار بشارع لوكاسا بمدينة نصر. تحدثت مع عم عطا البواب السوهاجي البالغ اللطف، فقال إن الفيلسوف المسن (87 عاماً) مريضٌ ويستحسن أن أحدد معه موعداً لاحقاً للزيارة. كان في حقيبة الكتف التي لا تفارقني نسخة من كتابي "الحديقة الغدامسية"، فخربشتُ إهداء على أول صفحاتها لخاطر الدكتور حسن، مع أمل باللقاء، وسلمتها لـ عم عطا. لم يأتني رد من الدكتور الفيلسوف. بعدها بأسبوعين، يوم الأحد 19 من سبتمبر 2021، كنت قاصداً المثوى الأخير، أو ما قبل الأخير حسب الكتاب المعروف، لفيلسوف الاجتماع العربي عبد الرحمن ابن خلدون (1332 - 1406م) في رحلة مشي من تخوم عشوائية "عزبة الهجانة" في شرق القاهرة المحروسة، إلى مقابر بدر الدين الجمالي المقابلة لبابي النصر والفتوح عند حدود القاهرة الفاطمية.
واسمع الآن، ثم التفت إليها وأخذ يشير بإصبعه إلى شيء وهو يقول تلك الكلمة، وهي تقول: هذا كذا، وهذا كذا، وهذا كذا، على الاتصال من غير توقف، وهو يقول تلك الكلمة لا زيادة عليها، وهي لفظة واحدة بلحن واحد، وهيئة واحدة حتى ضجرنا، واشتد تعجبنا ورأينا أن هذه الإشارة لو كانت تتضمن هذه الأشياء لكانت أعجب من كل ما تقوله العمياء. ومن عجيب ما شاهدنا من أمرها أن أباها كان يغلط في شيء يعتقده على خلاف ما هو به، فتخبر هي عنه على معتقداتها كأن نفسها هي نفسه. ورأيناها تقول ما لا يعلمه أبوها من خبيئة في الخبيئة التي اطلع عليها أبوها. وهذا أعجب وأعجب، وحكاياتها أكثر من أن تعد. وما زلت أقول إن من يأتي بعدنا لا يصدق ما رأيناه منها) وقد أورد ابن أبي الحديد خبر (العمياء) هذه في بحثه عن المغيبات في شرح (النهج) وقال قبل روايته: (وقد يقع الأخبار عن الغيوب بواسطة إعلام إنسان آخر الغيب، لنفسه بنفس المخبر اتحاداً وكالاتحاد، وذلك كما يحكي أبو البركات بن ملكا الطبيب في كتاب المعتبر): وعدّ الرازي تلك العمياء (كاهنة) فقال في تفسيره (مفاتيح الغيب): (الكاهنة البغدادية التي نقلها السلطان سنجر بن ملك شاه من بغداد إلى خراسان وسألها عن الأحوال الآتية في المستقبل ذكرت أشياء ثم إنها وقعت على وفَق كلامها.