لا يتحدد مصير الإنسان في الجنة أو الجحيم بعد الموت مباشرة، لكن الإنسان يمر بهذه الحياة، وهي استعداد لما سيقابله بعد ذلك، فيستطيع أن يتوقع مقعده في الجنة أو الجحيم. الجواب الصحيح: العلم بيد الله
وعن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال: رأيت في المنام كأني أسجد على جبهة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرت بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إن الروح لتلقى الروح) رواه أحمد، إلا أن الحديث لا يخلو من كلام في سنده وفي متنه. ومن ناحيةٍ أخرى، فإن بين يدينا أدلّة صحيحة غير صريحة قد يُفهم منها ثبوت التزاور والتلاقي، منها قوله تعالى: { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} (النساء:69)، وقول النبي –صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتواتر: (المرء مع من أحب) ، فهذه المعيّة مجملةٌ قد يكون من دلالاتها المعيّة في الحياة البرزخيّة، كما قال الإمام ابن القيم: "وهذه المعية ثابتة في الدنيا وفي الدار البرزخ وفي دار الجزاء، والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاثة". ويستدلّ الإمام ابن القيم على مسألتنا بقوله تعالى: { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون*يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} (آل عمران:169-171) فيقول: "وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وأنهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، وأنهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل.
وأما الكفار والبغاة فيعرفون مصيرهم في النار والعذاب ويقول تعالى: (وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم). ويفسر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة بقوله: (إنما نسمة المؤمن طائر يعلق من شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه) متفق عليه. ويقول أيضاً: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده من الجنة أو النار بالغداة والعشي). والأرواح تعيش حرة طليقة في البرزخ بين السماء والأرض، وهي لا ترتبط بالجسم ولا بالقبر... وكان الناس قبل الإسلام يقدسون المقابر ويبنون للموتى أضرحة فاخرة ويضعون فيها الطعام والأنوار والحراس اعتقاداً منهم أن روح الميت مرتبطة بالقبر وتسعدها هذه المظاهر... فأمر الإسلام بهدم القبور وتسويتها بالأرض بل نهى الرسول عن زيارتها حتى ينسى الناس هذا التقليد الجاهلي فلما نسوه وآمنوا قال الرسول: (كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترقق القلوب) وفي رواية أخرى: (إنها تذكر بالموت) (ولم يقل: فإنها تسعد الميت). ومعناه: أنه لا توجد صلة بين روح الميت والقبر أو بينها وبين الجسد والأرواح تتفاوت في مستقرها في البرزخ أعظم التفاوت فمنها أرواح في أعلا عليين في الملأ الأعلى مع الأنبياء والشهداء والصالحين، ومنها أرواح في أسفل السافلين مع القتلة والزناة والمشركين.